السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبابي في الله جميعا، أتوجه بهذا المنشور للأخت (شهد ) لعلها تراه وتقرأه وقد علقت لي على المنشور الذي دعوت الناس فيه لصيام
(يوم عاشوراء) إن كنت قد اخترت الإسلام الحق وإن كنت بحثت جيدا في المذهب الشيعي الذي يدعوني إلى محبة أهل البيت كما بحثت في المسيحية ووصلت الى الحق قبل أن أختار أي إسلام أتبع.
أرجو ممن يريد التعليق أن يعلق بكل محبة واحترام من غير تجريح لو سمحتم.
السّلام عليكم ورحمة الله بركاته..
أختي الكريمة ( شهد ) عذراً لمضيّ وقت على إرسال ردّي على رسالتك وما ذاك إلا لكثرة انشغالاتي وللمرض الذي أصابني الحمد لله، وأسأل الله أن يبارك في أوقاتنا ويعيننا على حسن اغتنامها فيما يرضيه سبحانه وتعالى..
بادئ ذي بدء، فإنني قد قرأتُ مقالتكِ واستشعرت صدق محبّتك للخير لي، لذا أردت استفتاح كلامي بشكرك "فجَزَاكِ اللهُ خَيْراً" وذلك مصداق قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس"..
أمّا من ناحية المضمون فقد شعرت بأنّ من حقّك عليّ أن أوضح لك بعض النقاط سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يكون لما سأقوله الأثر الطيّب في نفسك وأن يتّسع له صدرك وينشرح له قلبك بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
تكلّمت أختي عن محبة أهل البيت الذين أوجب الله سبحانه وتعالى علينا محبّتهم، وهذا مما ندين لله عز وجل به، فحبّ أهل البيت واتباعهم من الإيمان، وبغضهم ومعاداتهم من النّفاق. وقد وصّانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم بهم
فقَالَ: ( أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ) فَحَثَّ عَلَى الاستمساك بكِتَابِ اللَّهِ واتّباعِ تعاليمه ثُمَّ قَالَ : ( وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي).
ولكن اعلمي أختي أنّ من أسباب هداية أيّ نصرانيّ للإسلام أن يسأل نفسه سؤالاً، هل أنا حقاً متبعٌ لعيسى عليه الصلاة والسلام ولما جاء في الإنجيل أم لا؟ فإن بحث بعين التّجرد وكان صادقاً في طلب الحق دون أحكام مسبقة أو تعصّب أعمى، سيتضح له أنّه في الحقيقة "مخالف" لتعاليم عيسى عليه الصلاة والسلام!! ولعلّي أحيلك على سلسلة "كيف اهتديت إلى الإسلام" في قناتي الرسمية على اليوتيوب فقد تناولت هذه النقطة باستفاضة بفضل الله تعالى. ومن هنا، أوّل سؤال أسأله لك ِأختي، هل أنتِ حقاً تتبعين أهل بيت النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أن نحدّد أوّلاً من هم أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. فإذا رجعنا إلى كتابنا العزيز، الذي من المفترض أن يكون كلمة الفصل في كل نزاع فكري وعقدي، نجد أنّ الله عزّ وجلّ يصف زوجة الرجل بأنها من أهل بيته.
فهذا موسى عليه الصلاة والسلام قد أخبرنا الله أنه لما رأى النار قال لأهله امكثوا أي لزوجته: {فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} [القصص:29]
وكذلك خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حيث أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه عندما أتاه الضيوف، ذهب لزوجته لإحضار الطعام لهم، فوُصِفَتِ الزوجة بالأهل، كما في قوله تعالى:{فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِين}[الذاريات:26]
حتى عندما تعجبت زوجة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، من كونها ستحمل وتلد وهي عجوز، فقد خاطبها الملائكة بكونها من أهل البيت، كما في قوله تعالى:{قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ} [هود:73]
وفي خطاب زوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال تعالى: {..إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} [الأحزاب:33]
والأمثلة على وصف الزوجة بالأهل كثيرة في القرآن الكريم ويستطيع أن يتتبعها ويطلّع عليها...
فأنت أختي عندما تقولين أنك تتبعين أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، هل أنتِ ممن يتّبع نسائه ويحبّهنّ ويترضّى عنهنّ؟
قد تقولين لي أنك تتبعين أهل البيت الذين هم أولاد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فأقول لك أنّ واقع اعتقادك لا يعكس ذلك!! فالشيعة لا يدندنون إلا حول فاطمة الزهراء ولا يعظّمون سواها دون ذكر أم كلثوم وزينب ورقيّة رضوان الله عليهنّ جميعاً، فهل يعقل أن يكون للنبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أربع بنات، فنجعل واحدةً من أهل بيته بينما نعتقد أن أخواتها لسن كذلك؟! ثمّ لو سلّمنا جدلاً بأنّ فاطمة رضي الله عنها هي فقط من أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فكيف لا يكون جميع أولادها من أهل بيتها كابنتيها زينب وأم كلثوم ويكون فقط الحسن والحسين من أهل البيت؟! ثمّ كيف يكون الحسن رضي الله عنه من أهل البيت بينما كلّ أولاده ليسوا من أهل البيت، وكذلك الحسين رضي الله عنه، فابنه زين العابدين هو فقط من أهل بيته دون بقية أولاده!!! إذاً فمن الجليّ أنّ المذهب الشيعيّ قائم على اعتقاد تعظيم "بعض" أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وليس كلهم، لا بل ويعادي ويكره بعضهم الآخر كنسائه رضوان الله على الجميع.
ثم ما لفتني عند المقارنة بين النصرانية والتشيّع، وهي نقطة مفصلية ومهمة بالنسبة لي كوني كنت نصرانياً، هو أنّ النصرانيّ يدعو ويستعين ويستغيث بيسوع ومريم العذراء وبقية الشفعاء من القديسين والصالحين، وكذلك الشيعيّ فقد وجدته يستعين ويستغيث بسيدنا عليٍّ وبالحسين وببقية الأئمة وآل البيت رضوان الله عليهم أجمعين...
!! فعلياً لم أجد فرقًا بين غلوّ النصرانيّ بعيسى عليه الصلاة والسلام وغلوّ الشيعيّ بعليٍّ و"ببعض" آل البيت، لم يتغيّر عليَّ إلا الأسماء!! فبدل قول يا عذراء يقال يا علي، وبدل قول يا يسوع يقال يا حسين وهكذا!!
في حين أنه اذا قرأنا كتاب الله عز وجل نجد أن الاستغاثة والدعاء لا يكون إلا لله وحده جلّ في علاه: {وأنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدًا}...
فإن كان الردّ على هذا الأمر بأنّهم لا يعتقدون بألوهية غير الله سبحانه وتعالى وهم يتخذون الأئمة وأهل البيت كشفعاء عند الله، كما يردّدون "يا وجيهاً لنا عند الله، اشفع لنا عند الله"... فيأتي الردّ على ذلك في القرآن الكريم أيضاً بأنّ الشّيطان يتحايل على بعض الناس ليوقعهم في الشّرك عياذاً بالله فيوسوس لهم أن أدعوا غير الله من الأنبياء والأولياء لأنهم أقرب منكم لله، فيكونوا شفعاء لكم عنده أي الواسطة التي تقرّبكم إليه سبحانه وتعالى: {وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ} [يونس:18]
{أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ} [الزمر:3]
ثمّ على مقلب آخر، ومنذ أن أسلمت بحمد الله أواجه معضلة مع النصارى وهي أنّني عندما أكلّمهم عن نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه نبي الله وليس ابناً له، حاشى الله ذلك وتعالى علوّاً كبيراً، يسارعون باتّهامي أنني بذلك لم أعد أؤمن بالمسيح عليه الصلاة والسلام!!
فإمّا أن أقول بأنه ابن الله أو أكون غير متبعٍ له!! وهذه المشكلة عينها واجهتها مع الشيعة، فإمّا أن أقول أنّ "الأئمة لهم خلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون، وأنّ لهم منزلة لا يبلغها ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيٌ مرسلٌ"(كما قال الإمام الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية صفحة ٦٧)!! أو أكون ناصبياً غير محبٍّ لأهل البيت!!!! يعني إمّا أن أقع بالغلوّ وبالإيمان بكلامٍ ما أنزل الله به من سلطان أو أنا لست متبعاً لهم ولا أحبّهم حقّ المحبة!!!!! مع أنّ الغلوّ منهيّ عنه في القرآن الكريم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} فالغلوّ حرام ولو كان مع النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فما بالكِ بمن هم دونه؟!
ثمّ إنني لم أكن لأتخيّل أنّ الغلوّ عند الشيعة قد يصل بهم بأن يقولوا أنّ الأئمة يعلمون الغيب ماضياً ومستقبلاً (كما بوّب الكليني في كتابه الكافي باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم)!!! رغم أنّ وجوب الإيمان بحصرية علم الله بالغيب وحده لا شريك له قد تكرر وتقرّر في القرآن:{قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ} [النمل:65].
ثمّ إنني قرأت وتدبرت كتاب الله ملياً فوجدت أنّ الله يذكر لنا أخبار الأنبياء والصالحين لنقتدي بهم ونقتفي آثارهم علماً وعملاً فيكونوا لنا أسوة حسنةً وهداة لنا في السير على الصراط المستقيم الذي ينتهي بنا إلى جنة الله ورضوانه ان شاء الله، ولكنّني لم أجد ذكراً لمكان قبورهم ولا كلاماً عن فضل زيارة أضرحتهم والتبرّك بهم والتوسّل إليهم، فعجبت ممن يعظم القبور ويهتم بشدّ الرّحال إليها، ويعتقد أنّ ذلك من دين الله عز وجل، وكأنّه يستدرك على القرآن الكريم عياذاً بالله!!!... وتعجبت كل العجب كيف يبكي أناسٌ على الحسين رضي الله عنه كلّ سنة كونه استشهد مذبوحاً، مع أنّ بعض الأنبياء كنبيّ الله زكريا ونبي الله يحيى قُتِلا وقُطِعَ رأساهما عن جسديهما ومع ذلك لم يأمرنا الله في كتابه بأن نبكيهما ولم يحثّنا على إقامة المآتم ومجالس العزاء في ذكرى استشهادهما، مع أن الأنبياء أفضل من سيدنا الحسين عليهم السلام أجمعين وأعلى منه فضلاً ومنزلة!!!
في الحقيقة إن أردت استعراض المذهب الشيعي فلديّ علامات استفهام لا تعدّ ولا تحصى حوله، ولكن لعلّ العجب قد تفاقم عندي حتى بلغ حدّه عندما علمت أنّ الشيعة يعتقدون بأنّ الإيمان بولاية سيدنا عليّ رضي الله عنه هي أصل من أصول الدين وأنّ الله خلق الكون لأجله!! ورغم عظم هذا الأمر فإنّه تبارك وتعالى لم يذكره في القرآن الكريم ولم يُشِرْ إليه ولو حتى في موضع واحد!!!!! مع أنه سبحانه وتعالى ذكر لنا كل أصول الدين والايمان بشكل واضح وصريح لا يحتمل اللّبس ولا التأويل!!!! لا بل وذكر حتى قصة النملة والهدهد !!!!
في الحقيقة إن ما ذكرته هو غيض من فيض، فالحديث في هذا الموضوع ذو شجون ولن يستوفي حقّه في بضع سطور على برامج التواصل الاجتماعي بل يحتاج إلى مجلّدات.
ولكن ما يهمّني أن أختم به رسالتي هو أنني -والله الذي لا إله إلا هو- مستعدّ أن أصبح هندوسياً أو يهودياً أو على أي طريقةٍ أو ملّة، ولكن! شريطة أن تكون تلك الملة هي التي ارتضاها لي ربي في كتابه الذي هو سراجنا المنير ومنبع اعتقاداتنا وإيماننا. وإن كان لي من نصيحةٍ لك أختي، فهي أن تلازمي كتاب الله عز وجل، وأن تكثري من قراءته، وأن تفرّغي قلبك من كل الاعتقادات ليحلّ محلّها ما حواهُ القرآن الكريم، إياك أختي الكريمة أن تتبنّي اعتقاداً لا يوافق ما نصّ عليه كتابك، ثمّ تقومين بِلَيّ أعناق الآيات وصرفها عن معانيها لتنتصري لهذا المعتقد، وإنني على يقين من أنك إن صدقت الله سيصدقك وينير قلبك بنور وحيه الصافي كما أنار قلبي وجعلني أختار الطريق الحق الموصل إلى رحمته في الدنيا،
فقد قال جل جلاله في كتابه العزيز:
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا} [الاسراء:9]
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكِ ولجميع المسلمين، والسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ...
ردي على رسالة الأخت شهد من المذهب الشيعي